كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



نهى، ويجزم في ذلك. ولو رفع على الخبر كما قرأ من قرأ: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها.
وقوله: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً} هي أكثر كلام العرب، وقرأه القرّاء. وذكر عن الحسن ومجاهد أنهما قرءا «تقيّة» وكلّ صواب.
وقوله: {يَعْلَمْهُ اللَّهُ... (29)}.
جزم على الجزاء. {وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} رفع على الاستئناف كما قال اللّه في سورة براءة: {قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ} فجزم الأفاعيل، ثم قال: {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ} رفعا على الائتناف. وكذلك قوله: {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ} ثم قال {وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ} ويمح في نيّة رفع مستأنفة وإن لم تكن فيها واو حذفت منها الواو كما حذفت في قوله: {سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ}. وإذا عطفت على جواب الجزاء جاز الرفع والنصب والجزم. وأمّا قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ} وتقرأ جزما على العطف ومسكّنة تشبه الجزم وهى في نية رفع تدغم الراء من يغفر عند اللام، والباء من يعذب عند الميم كما يقال: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} وكما قرأ الحسن {شَهْرُ رَمَضانَ}.
وقوله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا... (30)}.
ما في مذهب الذي. ولا يكون جزاء لأن (تجد) قد وقعت على ما.
وقوله: {وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} فإنك تردّه أيضا على ما فتجعل (عملت) صلة لها في مذهب رفع لقوله: {تودّ لو أنّ بينها} ولو استأنفتها فلم توقع عليها (تجد) جاز الجزاء تجعل (عملت) مجزومة. ويقول في تودّ: تودّ بالنصب وتودّ. ولو كان التضعيف ظاهرا لجاز تودد. وهى في قراءة عبد اللّه وما عملت من سوء ودّت فهذا دليل على الجزم، ولم أسمع أحدا من القراء قرأها جزما.
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ... (33)}.
يقال اصطفى دينهم على جميع الأديان لأنهم كانوا مسلمين، ومثله مما أضمر فيه شيء فألقى قوله: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها}.
ثم قال: {ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ} فنصب الذرّية على جهتين إحداهما أن تجعل الذرّية قطعا من الأسماء قبلها لأنهن معرفة. وإن شئت نصبت على التكرير، اصطفى ذرّية بعضها من بعض، ولو استأنفت فرفعت كان صوابا.
وقوله: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا... (35)}.
لبيت المقدس: لا أشغله بغيره.
وقوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ... (36)}.
قد يكون من إخبار مريم فيكون {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ} يسكن العين، وقرأ بها بعض القراء، ويكون من قول اللّه تبارك وتعالى، فتجزم التاء لأنه خبر عن أنثى غائبة.
وقوله: {وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا... (37)}.
من شدّد جعل زكرياء في موضع نصب كقولك: ضمّنها زكرياء، ومن خفّف الفاء جعل زكرياء في موضع رفع. وفى زكريا ثلاث لغات: القصر في ألفه، فلا يستبين فيها رفع ولا نصب ولا خفض، وتمدّ ألفه فتنصب وترفع بلا نون لأنه لا يجرى، وكثير من كلام العرب أن تحذف المدّة والياء الساكنة فيقال: هذا زكرىّ قد حاء فيجرى لأنه يشبه المنسوب من أسماء العرب.
وقوله: {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً... (38)}.
الذرّية جمع، وقد تكون في معنى واحد. فهذا من ذلك لأنه قد قال: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} ولم يقل أولياء. وإنما قيل «طيبة» ولم يقل طيبا لأن الطيبة أخرجت على لفظ الذرّية فأنث لتأنيثها، ولو قيل ذرّية طيبا كان صوابا.
ومثله من كلام العرب قول الشاعر:
أبوك خليفة ولدته أخرى ** وأنت خليفة ذاك الكمال

فقال (أخرى) لتأنيث اسم الخليفة، والوجه أن تقول: ولده آخر. وقال آخر.
فما تزدرى من حيّة جبليّة ** سكات إذا ما عضّ ليس بأدردا

فقال: جبليّة، فأنّث لتأنيث اسم الحيّة، ثم ذكّر إذ قال: إذا ما عضّ ولم يقل:
عضّت. فذهب إلى تذكير المعنى. وقال الآخر:
تجوب بنا الفلاة إلى سعيد ** إذا ما الشّاة في الأرطاة قالا

ولا يجوز هذا النحو إلا في الاسم الذي لا يقع عليه فلان مثل الدابّة والذرّية والخليفة فإذا سميت رجلا بشئ من ذلك فلتأنيث الاسم، وأن الجماعة من الرجال والنساء وغيرهم يقع عليه التأنيث. والملائكة في هذا الموضع جبريل صلى اللّه عليه وسلم وحده. وذلك جائز في العربيّة: أن يخبر عن الواحد بمذهب الجمع كما تقول في الكلام: خرج فلان في السفن، وإنما خرج في سفينة واحدة، وخرج على البغال، وإنما ركب بغلا واحدا. وتقول: ممّن سمعت هذا الخبر؟
فيقول: من الناس، وإنما سمعه من رجل واحد. وقد قال اللّه تبارك وتعالى: {وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ}، {وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ} ومعناهما واللّه أعلم واحد: وذلك جائز فيما لم يقصد فيه قصد واحد بعينه.
وقوله: {وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ} تقرأ بالكسر. والنصب فيها أجود في العربيّة. فمن فتح (أنّ) أوقع النداء عليها كأنه قال: نادوه بذلك أن اللّه يبشرك. ومن كسر قال: النداء في مذهب القول، والقول حكاية. فاكسر إنّ بمعنى الحكاية. وفى قراءة عبد اللّه فناداه الملائكة وهو قائم يصلّى في المحراب يا زكريا إن اللّه يبشرك فإذا أوقع النداء على منادى ظاهر مثل {يا زَكَرِيَّا} وأشباهه كسرت (إن) لأن الحكاية تخلص، إذا كان ما فيه (يا) ينادى بها، لا يخلص إليها رفع ولا نصب ألا ترى أنك تقول: يا زيد أنك قائم، ولا يجوز يا زيد أنك قائم. وإذا قلت: ناديت زيدا أنه قائم فنصبت (زيدا) بالنداء جاز أن توقع النداء على (أنّ) كما أوقعته على زيد. ولم يجز أن تجعل إنّ مفتوحة إذا قلت يا زيد لأن زيدا لم يقع عليه نصب معروف. وقال في طه: {فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} فكسرت (إنى). ولو فتحت كان صوابا من الوجهين أحدهما أن تجعل النداء واقعا على (إنّ) خاصّة لا إضمار فيها، فتكون (أنّ) في موضع رفع. وإن شئت جعلت في (نودى) اسم موسى مضمرا، وكانت (أنّ) في موضع نصب تريد: بأنى أنا ربك. فإذا خلعت الباء نصبته. فلو قيل في الكلام: نودى أن يا زيد فجعلت (أن يا زيد) هو المرفوع بالنداء كان صوابا كما قال اللّه تبارك وتعالى: {وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا}.
فهذا ما في النداء إذا أوقعت (إن) قيل يا زيد، كأنك قلت: نودى بهذا النداء إذا أوقعته على اسم بالفعل فتحت أن وكسرتها. وإذا ضممت إلى النداء الذي قد أصابه الفعل اسما منادى فلك أن تحدث (أن) معه فتقول ناديت أن يا زيد، فلك أن تحذفها من (يا زيد) فتجعلها في الفعل بعده ثم تنصبها.
ويجوز الكسر على الحكاية.
ومما يقوّى مذهب من أجاز {إن اللّه يبشرك} بالكسر على الحكاية قوله: {وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ} ولم يقل: أن ليقض علينا ربك. فهذا مذهب الحكاية. وقال في موضع آخر {وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا} ولم يقل: أفيضوا، وهذا أمر وذلك أمر لتعلم أن الوجهين صواب.
و{يبشرك} قرأها بالتخفيف أصحاب عبد اللّه في خمسة مواضع من القرآن: في آل عمران حرفان، وفى بنى إسرائيل، وفى الكهف، وفى مريم. والتخفيف والتشديد صواب. وكأنّ المشدّد على بشارات البشراء، وكأن التخفيف من وجهة الإفراح والسرور. وهذا شيء كان المشيخة يقولونه. وأنشدنى بعض العرب:
بشرت عيالى إذ رأيت صحيفة ** أتتك من الحجّاج يتلى كتابها

وقد قال بعضهم: أبشرت، ولعلّها لغة حجازيّة. وسمعت سفيان بن عيينة يذكرها يبشر. وبشرت لغة سمعتها من عكل، ورواها الكسائىّ عن غيرهم. وقال أبو ثروان: بشرنى بوجه حسن. وأنشدنى الكسائىّ:
وإذا رأيت الباهشين إلى العلى ** غبرا أكفّهم بقاع ممحل

فأعنهم وابشر بما بشروا به ** وإذا هم نزلوا بضنك فانزل

وسائر القرآن يشدّد في قول أصحاب عبد اللّه وغيرهم.
وقوله: {يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقًا} نصبت {مصدّقا} لأنه نكرة، ويحيى معرفة.
وقوله: {بِكَلِمَةٍ} يعنى مصدّقا بعيسى.
وقوله: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا} مردودات على قوله: مصدّقا.
ويقال: إن الحصور: الذي لا يأتي النساء.
وقوله: {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ} إذا أردت الاستقبال المحض نصبت {تكلّم} وجعلت (لا) على غير معنى ليس. وإذا أردت: آيتك أنك على هذه الحال ثلاثة أيام رفعت، فقلت: أن لا تكلّم الناس ألا ترى أنه يحسن أن تقول: آيتك أنك لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا. والرمز يكون بالشفتين والحاجبين والعينين. وأكثره في الشفتين. كلّ ذلك رمز.
وقوله: {إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ... (45)}.
مما ذكرت لك في قوله: {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} قيل فيها (اسمه) بالتذكير للمعنى، ولو أنّث كما قال: {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} كان صوابا.
وقوله: {وجيها} قطعا من عيسى، ولو خفضت على أن تكون نعتا للكلمة لأنها هي عيسى كان صوابا.
وقوله: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا... (46)}.
والكهل مردود على الوجيه. {ويكلّم الناس} ولو كان في موضع {ويكلّم} ومكلما كان نصبا، والعرب تجعل يفعل وفاعل إذا كانا في عطوف مجتمعين في الكلام، قال الشاعر:
بتّ أعشّيها بعضب باتر ** يقصد في أسوقها وجائر

وقال آخر:
من الذّريحيّات جعدا آركا ** يقصر يمشى ويطول باركا

كأنه قال: يقصر ماشيا فيطول باركا. فكذلك (فعل) إذا كانت في موضع صلة لنكرة أتبعها (فاعل) وأتبعته. تقول في الكلام: مررت بفتى ابن عشرين أو قد قارب ذلك، ومررت بغلام قد احتلم أو محتلم قال الشاعر:
يا ليتني علقت غير خارج ** قبل الصباح ذات خلق بارج

أمّ الصبىّ قد حبا أو دارج

وقوله: {كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ... (49)}.
يذهب إلى الطين، وفى المائدة {فَتَنْفُخُ فِيها} ذهب إلى الهيئة، فأنث لتأنيثها، وفى إحدى القراءتين {فأنفخها} وفى قراءة عبد اللّه {فأنفخها} بغير في، وهو مما تقوله العرب: ربّ ليلة قد بتّ فيها وبتّها.
ويقال في الفعل أيضا:
ولقد أبيت على الطوى وأظلّه

تلقى الصفات وإن اختلفت في الأسماء والأفاعيل. وقال الشاعر:
إذا قالت حذام فأنصتوها ** فإن القول ما قالت حذام

وقال اللّه تبارك وتعالى وهو أصدق قيلا: {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} يريد: كالوا لهم، وقال الشاعر:
ما شقّ جيب ولا قامتك نائحة ** ولا بكتك جياد عند أسلاب

وقوله: {وَما تَدَّخِرُونَ} هي تفتعلون من ذخرت، وتقرأ {وما تدخرون} خفيفة على تفعلون، وبعض العرب يقول: تدّخرون فيجعل الدال والذال يعتقبان في تفتعلون من ذخرت، وظلمت تقول: مظّلم ومطّلم، ومذّكر ومدّكر، وسمعت بعض بني أسد يقول: قد اتّغر، وهذه اللغة كثيرة فيهم خاصّة. وغيرهم: قد اثّغر.
فأمّا الذين يقولون: يدّخر ويدّكر ومدّكر فإنهم وجدوا التاء إذا سكنت واستقبلتها ذال دخلت التاء في الذال فصارت ذالا، فكرهوا أن تصير التاء ذالا فلا يعرف الافتعال من ذلك، فنظروا إلى حرف يكون عدلا بينهما في المقاربة، فجعلوه مكان التاء ومكان الذال.
وأمّا الذين غلّبوا الذال فأمضوا القياس، ولم يلتفتوا إلى أنه حرف واحد، فأدغموا تاء الافتعال عند الذال والتاء والطاء.
ولا تنكرنّ اختيارهم الحرف بين الحرفين فقد قالوا: ازدجر ومعناها: ازتجر، فجعلوا الدال عدلا بين التاء والزاى. ولقد قال بعضهم: مزجّر، فغلّب الزاى كما غلّب التاء. وسمعت بعض بنى عقيل يقول: عليك بأبوال الظباء فاصّعطها فإنها شفاء للطحل، فغلب الصاد على التاء، وتاء الافتعال تصير مع الصاد والضاد طاء، كذلك الفصيح من الكلام كما قال اللّه عز وجل: {فمن اضطرّ في مخمصة} ومعناها افتعل من الضرر. وقال اللّه تبارك وتعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها} فجعلوا التاء طاء في الافتعال.
وقوله: {وَمُصَدِّقًا (50)} نصبت {مصدّقا} على فعل (جئت)، كأنه قال: وجئتكم مصدّقا لما بين يدىّ من التوراة، وليس نصبه بتابع لقوله: {وجيها} لأنه لو كان كذلك لكان {ومصدّقا لما بين يديه}.
وقوله: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ الواو فيها بمنزلة قوله وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}.
وقوله: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ (52)} يقول: وجد عيسى. والإحساس: الوجود، تقول في الكلام: هل أحسست أحدا.
وكذلك قوله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ}.
فإذا قلت: حسست، بغير ألف فهى في معنى الإفناء والقتل. من ذلك قول اللّه عز وجل: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} والحسّ أيضا: العطف والرقّة كقول الكميت:
هل من بكى الدار راج أن تحسّ له ** أو يبكى الدار ماء العبرة الخضل

وسمعت بعض العرب يقول: ما رأيت عقيليّا إلا حسست له، وحسست لغة.
والعرب تقول: من أين حسيت هذا الخبر؟ يريدون: من أين تخبّرته؟ وربما قالوا حسيت بالخبر وأحسيت به، يبدلون من السين ياء كقول أبى زبيد:
حسين به فهنّ إليه شوس

وقد تقول العرب ما أحست بهم أحدا، فيحذفون السين الأولى، وكذلك في وددت، ومسست وهممت، قال: أنشدنى بعضهم:
هل ينفعنك اليوم إن همت بهمّ ** كثرة ما تأتى وتعقاد الرتم

وقوله: {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ}.